الجزائر تتهم المغرب وفرنسا بالتجسس وتفاقم أزمتها بأوهام المؤامرات
هبة بريس : محمد زريوح
في خطوة جديدة تثير الكثير من التساؤلات، صعد النظام الجزائري عبر وسائل إعلامه من حملته ضد المغرب وفرنسا، مروجًا لمزاعم غير موثوقة حول أنشطة تجسسية مزعومة. هذه الاتهامات تأتي وسط تصاعد التوترات الإقليمية، حيث أصبح الإعلام الجزائري وسيلة لتمرير رسائل سياسية تفتقر إلى الدقة، وتثير الشكوك حول أهدافها. الاتهامات الجديدة تزعم أن المغرب بدعم فرنسي متورط في عمليات تجسس تستهدف إسبانيا، في رواية وصفها العديد من المراقبين بأنها محاولة لصرف الانتباه عن الأزمات الداخلية التي تعصف بالجزائر.
تناولت وسائل إعلام جزائرية تقارير تشير إلى ما وصفته بعملية أمنية في العاصمة الإسبانية مدريد، زعمت أنها أسفرت عن تفكيك خلية تجسس مكونة من أربعة أفراد. وفقًا لهذه الرواية، يشتبه في أن أعضاء الخلية مرتبطون بالمخابرات المغربية، وتركز نشاطهم على جمع معلومات عسكرية حساسة تخص جزر الكناري ومدينة مليلية المحتلة. ادعت المصادر الجزائرية أن الاستخبارات الفرنسية قدمت دعمًا لوجستيًا ومعلوماتيًا لهذه الأنشطة المزعومة، وهو ما اعتبره خبراء في الشأن الأمني مجرد ادعاءات تفتقر إلى الأدلة الملموسة.
على الرغم من ثقل هذه الادعاءات، فإن وسائل الإعلام الجزائرية لم تقدم أي مستندات أو أدلة تدعم هذه المزاعم، مما جعلها عرضة لانتقادات واسعة. صحيفة الشروق الجزائرية، المقربة من النظام، أكدت في تغطيتها أن المشتبه بهم تمكنوا من الفرار قبل إلقاء القبض عليهم، مشيرة إلى أنهم نسخوا معلومات سرية لجنديين إسبانيين. وزعمت الصحيفة أيضًا أن الاستخبارات الفرنسية لعبت دورًا رئيسيًا في ما وصفته بحملة تجسس تستهدف مواقع استراتيجية في إسبانيا. هذه الروايات أثارت استغراب المراقبين، خصوصًا في ظل عدم وجود أي إعلان رسمي من السلطات الإسبانية يؤكد صحة هذه الادعاءات.
يتفق العديد من الخبراء على أن هذه الاتهامات تندرج ضمن سياق تصدير الأزمات الداخلية التي يواجهها النظام الجزائري. تعيش الجزائر على وقع تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، جعلت من تصعيد الخطاب الإعلامي ضد دول الجوار وسيلة لتوجيه الأنظار بعيدًا عن المشاكل الداخلية. هذه الحملة ليست الأولى من نوعها، حيث سبق للنظام الجزائري أن وجه اتهامات مماثلة إلى المغرب وفرنسا في قضايا تتعلق بالتجسس والهجرة غير الشرعية والتأثير السياسي.
تصعيد الخطاب الإعلامي الجزائري ضد المغرب وفرنسا يعكس في جوهره أزمة عميقة في إدارة العلاقة مع دول الجوار والمجتمع الدولي. يرى المراقبون أن الجزائر تسعى لتصعيد التوترات لخلق عدو خارجي يُستخدم لتوحيد الجبهة الداخلية. غير أن غياب الأدلة الدامغة، خاصة في القضايا الأمنية الحساسة، يهدد بفقدان النظام الجزائري مصداقيته على المستوى الدولي، ويبرز الحاجة إلى مراجعة خطاباته وتصرفاته تجاه محيطه الإقليمي والدولي.